Monday, August 27, 2007

Day 132:THE SHOW MUST GO ON......

التمساح الرهيب: ج2

الساعة السابعة، للتوضيح ليست السابعة مساء و لكن سابع ساعة في الرحلة:

بقولك إيه يا عم عوكش، مشفتش موبايل الواد جمال؟؟ اتصل بيا من تليفون السواق اللي معاه، شكله ضيعه و خايف يكون نسيه في العربيه هنا، انا دورت عليه بس مش لاقيه
لا ما فيشه
فيشه ايه عم هو تليفون كهربا؟

أكمل تفتيش تحت الكراسي و بين الشنط، و بحركة لا إرادية – غبية جدا- رحت فاتح تابلوه العربية عشان أدور فيه، أول ما اتفتح راحت كل الحاجات اللي جواه متبعتره في الأرض، أكياس أعشابه السحرية ، ورق كتير ، شرايط كاسيت و تليفون محمول
مسكت التليفون و بصيت لعوكش عشان أسأله عن التليفون ده
تتلاقى أعيننا بنظرة تحمل في طياتها و على كتفيها و فوق راسها و تحت إبطها الكثير من المشاعر المتناقضة
أحملق فيه بإزبهلال ، فيحملق باستهبال ، أتفحصه بإشمئناط ، لينظر في أم عيني بإستعباط
و فجأة و بسرعة و خفة لا تتناسب مع حجمه راح خاطف الموبيل من ايدي و طوحه على طول إيده من الشباك اللي جنبه و راح باصص قدامه مكمل سواقه ولا كإن حاجة حصلت
و بسرعة البرق و كردة فعل – طبيعية جدا- و حكمة بالغة و بصيرة عميقة رحت موطي ماسك أكياس العرقسوس الناشف اللي بيضربه كل شوية و مطوحها من الشباك اللي جنبي و باصص قدامي، و بطرف عيني طبعا بحاول أحتويه في مجال بصري ، و الندم يعتصرني على حكمتي الزائدة، يا رب ميكونش اخد باله ، يا رب يا رب
اايييييييييييييئءء ، راح مفرمل مرة واحدة فرمله عمقت العلاقة بين وشي و بين البربريز اللي قدامي

إيه يا عم ، هو أنا موصوف لوشي يلبس في البربريز خمس مرات في الشهر ولا إيه؟ الراجل ده تقريبا ليه قريب بسنم في الخرطوم

أوعى يغرك جسمك يا أستاذ عوكش، الأعشاب بتروح و تيجي و ما يبقى الا المعروف و الكلمة الحلوة، ثم ان جمال كان لازم يغير الموبايل ده أساسا و يجيب حمام زاجل
يصرخ صرخة عجيبة لم ينقصها سوى طبول الحرب و شخاليل الضرب
بحركة غريزية اطلق ليدي العنان من خلفي تتحسس طريقها بحثا عن أية أداة حادة، و يالقسوة الحياة و سخرية القدر، عمرك ما تلاقي دبابة لما تحتاج واحدة ، أتصفح الأفق من حولي بعيون وجداني بحثا عن باقي السرب المرافق لنا، ولا اثر حتى لخنفسة بتتمشى قريب مننا
يتعالى صياحة باللغة الهضربكية (من الضرب يعني) الواضحة مع بعض مفردات اللغة الهطلع ديكية(من الضرب برضه عشان منظري) المعروفة
انت تقريبا بتشتم مش كده؟ معلش انت بس منفعل دلوقت، بس برضه مهما كان مش لدرجة انك تقولي سوتا يعني، الانسان كرامة برضه، ثم ان سوتا واطي خالص و مفتحش بقه، انت اللي سوتا عالي و قاعد تزعق
ينزل مفتشا عن كنزه، و تركب الأفكار الحمقاء محله
اخد العربية و اجري؟؟ اتصل بالواد الديب – غدنفر الشلة- في أمريكا و أقوله ييجي بسرعة؟؟ الحق ابطل سجاير و العب شوية رياضه لغاية اما يرجع عشان أضربه؟؟ ماذا تفعل لو كنت مكاني؟؟
اتصلت بأحد الزملاء في سيارة أخرى و أخبرته سريعا بالوضع ، فسألني أسخف أسئلة التاريخ على الإطلاق، انت فين دلوقت؟؟
نعم يا حبيبي؟؟؟؟ احنا فين؟؟ قدام ماكدونالدز يا روش اخواتك،، في الصحرا يا عم، معرفش وراكو ولا قدامكم انا مشفتكمش من كام ساعة كده
يعود عوكش حاملا كنزه العشبي و يرمقني بنظرة التمساح الرهيب الجزء الخامس لما البطل بيموت ضربا بالجزمة، و انا مازلت واضعا هاتفي على أذني و لكن بدون كلام
يحشو غليونه الخشبي العجيب بأعشابه و يأخذ نفسا عميقا
انتو فين يا محمد دلوقت بالظبط؟؟ اه انتو شايفيني خلاص؟؟
لأ ما شايفينك، انتا وين؟؟
، اه اه شايفيني ؟ طب كويس احنا مستنينكم ، على أساس ان عوكش يفهم انهم قريبين يمكن يرتجع
يناولني الغليون مبتسما ابتسامة التمساح الرهيب الجزء السادس لما التمساح بيسطعبط يا إما اتسطل و طلبت معاه دماغ حب
اتناول الغليون بهدوء و ابتسم ابتسامة الرصاصة لا تزال في جيبه و انا شايفها الجزء الأول، فيغلق باب السيارة و ينطلق
أعمل ايه انا في الهبابة اللي في ايدي دي؟ اناوله اياها بابتسام ، مساء الخيييييييييييير
أطول نصف ساعة في حياتي في الجنوب، لغاية لما لقينا سيارة محمد ورانا ، وقفنا ، و أقنعت محمد ان خلاص الموقف خلص و يفضل ماشي ورانا بس

الأبيض من أجمل المدن السودانية التى زرتها ، طبيعة ساحرة، خضرة و جو ووجه حسن، بجد مدينة تستحق الزيارة
خلصنا المهمة اللي جينا عشانها و زرنا الكثير من القرى المحيطة بالأبيض و قضينا الليلة في منزل عائلة محمد في الأبيض ، وراح عوكش لحال سبيله بعد شوية مشاكل على موضوع الموبيل
فققرت انا و جمال العودة للخرطوم بالطائرة في صباح اليوم التالي، و قد كان

يا صباح الميكروباصات على الطيارة السبعة راكب دي
طائرة صغيرة جدا جدا، في الغالب صنعها واحد من الأخوين رايت من ورا أخوه، يعني تعتبر من الرعيل الأول للحديد الطائر، تعمل بالبنزين و قوة العمر واحد و الرب واحد
ندخل الطائرة و نبتسم للركاب كأننا فريق واحد يواجه المصير ذاته، و يركب بعدنا بدقائق شاب وسيم ممشوق القوام يلبس لباس رياضة – تريننج – أزرق فيوزع ابتساماته فنبادله الابتسام، و ياخي صيحة غضب مصرية عريقة، انت رايح فين يا كابتشن؟؟؟ الحق يا عم ده طلع الطيار، انت يا عم انت ايه ألم لك الأجرة ولا إيه؟؟
كانت رحلة جوية عجيبة فعلا و تجربة ذاتية أعجب، و اكتشفت الكثير مما كنت أجهله عن نفسي و عن النفس البشرية و كيف أن الشخص البالغ العاقل قد يتحول الى كائن وحيد الخلية- وظيفتها التكور على النفس و تلاوة كل ما تحفظ من القران بسرعة خمس سور في الدقيقة- في بعض المواقف

وصلنا بالسلامة، و شكرت السائق أقصد الطيار و اتجهت لمنزلي
كانت هذه اخر رحلاتي الداخلية في السودان و بعدها انشغلت بالكثير و الغريب من الأمور، حتى كتابة هذه السطور

تزامن تواجدي التدويني بتواجدي الجنوبي ، فصار كلاهما شمس الضحى للثاني على رأي اخوانا الهاشميين
و بغروب الثانية تموت الأولى

هيوحشني حضن الجنوب ، و هتوحشوني كلكم، و هيوحشني التدوين
تحياتي و حبي و احترامي للجميع
و السلام ختـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــام
ملحوظة: وداعا أصدقائي