Tuesday, May 1, 2007

Day 18:العملاق الأسمر

هو مدير قسم التعبئه في المصنع ، رجل سوداني بسيط
لم أره يوما إلا مبتسما ، و لكن حقا، من هذا الرجل؟؟
كنت في رحلة عمل إلى مصنعنا في الأردن لمدة أربعة أيام، مررت بالقاهرة في ذهابي ومرة أخرى في إيابي،،، إستمتعت جدا في مدينة عمان هذه المرة، كانت زيارة سريعة جدا و لكني إستمتعت بها جدا،، فقد قضيت في هذه المدينة عام و نصف من أغرب مراحل حياتي

إلتقيت بجميع أصدقائي هناك،، ذهبنا إلى جميع أماكني المفضلة و المليئة بالذكريات،،،،،و بالطبع أتممت عملي الذي جئت لأجله

أثناء تواجدي في عمان رأيت على قناة الجزيرة خبر لم يعر له معظم المشاهدون اهتمام، هبوب عواصف رمليه على الخرطوم لم تشهدها البلاد منذ سنوات

وصلت مطار الخرطوم فجر اليوم- أي اليوم التالي للعاصفة الرملية- قادما من عمان عن طريق القاهرة، كان عماد في انتظاري، تحدثنا في الطريق إلى المنزل عن سفرتي و حدثني عن العاصفة الرملية و كم كانت عنيفة و قاسية،،،، لأربع ساعات كانت الخرطوم في حالة شلل تام، سرعة الرياح كانت مخيفة، أظلمت الدنيا تماما من الأتربة، كان يتكلم بإنفعال حتى وجدت نفسي لا إراديا أنظر إلى السماء للتأكد من صفائها

تعرف (.....) ؟ سألني عماد-

أه طبعا ، مش مدير قسم التعبئة؟-
كان ولادو الصغار-ولدين أكبرهم عشرة سنين- راجعين من درس المسجد القريب لما هبت العاصفة فجأة-،راحت الرياح مع صعوبة الرؤية خلتهم يقعو في بير ميه جديد قدام بيت في الحته عمقه 15 متر

لا حول ولا قوة إلا بالله ، و حصلهم إيه يا عماد؟-

الصغير توفى و التاني رجله اتكسرت-

انا لله و انا اليه راجعون ، ربنا يصبر أهله-

ذهبت الى المنزل للإستحمام و تغيير ملابسي و اتجهت الى المصنع، و بعد يوم عمل شاق، اتفقنا على الذهاب إلى (....) لتقديم واجب العزاء

كان العزاء بسيطا بعكس الخزعبلات المصرية التي تربينا عليها، كان عبارة عن فرش من حصير أمام باب البيت و مجموعة من الكراسي البلاستيكية، و لا مقرئ ولا شادر ولا قهوة و أهم حاجة لا ميكروفونات من اللي تحس إنهم معلقينها بس علشان يغيظوك

قام من مجلسه، ليتلقى العزاء عند وصولنا،،،،،،،،نعم كان مبتسما،،،،،،،مبتسما!!!!!!!!!!! ،،،،،،،،،،عانقته،، فقال لي : حمدلله على السلامه انت رجعت من السفر امتى!!!!!! أهي الصدمة؟

البقاء لله، شد حيلك

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي رزقني إياه ، و لكل أجل كتاب

قالها بشموخ وبصلابة، و شعرت أن معنى كلمة صبر تحتاج إلى إعادة صياغة في كل قواميس حياتي

جلسنا و لم أعرف ماذا أقول، فصمت، و تكلم هو،،،،،تكلم عن الحياة و النعم، عن الموت و لقاء الله بقلب سليم،،،،،و الإبتسامة لا تفارق شفتيه،،وإن كانت هناك علامات إنكسار تحاول الوصول إلى وجهه،،و لكن سرعان ما تتكسر و تتحطم و تتلاشى تحت صلابة تلك الإبتسامة الهادئة،،،،،،،،من هذا الرجل؟؟؟ من هذا العملاق؟؟؟

رحم الله ابنك البار و الحقك به في الجنة إن شاء الله

ملحوظة: الصور دي بعتهالي مدير المصنع على الإيميل لإني ما كنتش في الخرطوم يوم العاصفة

الخرطوم في تاريخه












No comments: